المقاربة التكاملية لديداكتيك الجغرافيا
تعد الجغرافيا علمًا تكامليًّا، يربط بين العلوم التطبيقية والاجتماعية، وبدراسة طبيعة الجغرافيا نجد أنها أحد العلوم الاجتماعية الهامة، ومن بين المناهج الأساسية في جميع المراحل التعليمية؛ نظرًا لأهميتها في بناء الأبعاد العقلية، والاجتماعية، والشخصية للمتعلمين، وهي أكثر من دراسة الأرض، إنها دراسة لخصائص المكان، وعلاقته، وارتباطاته: "بالإنسان، والحيوان، والنبات"، وإنها مجال التعلم الذي يتم فيه التعرف على خصائص أماكن سطح الأرض، ويهتم بتنظيم الظواهر، وعلاقتها التي تميز منطقة عن أخرى، وبارتباط المناطق وحركاتها، والعمليات السياحية، والاجتماعية، والاقتصادية، التي بواسطتها يشكل الإنسان هذا العالم.
وإذا ما اتصفت الجغرافيا بأنها علم كغيره من العلوم، بما في ذلك العلوم التطبيقية؛ فإنه يفترض في الجغرافي أن يستعمل الطريقة العلمية عند التفكير في مبحث الجغرافيا، فالجغرافي يسعى إلى تطوير عَلاقة الإنسان بالمكان وتفسيرها، علمًا أن فهم البناء المعرفي للجغرافيا يتم من خلال وضع الحقائق والخصائص الجغرافية في إطارٍ ذي معنى.
الجغرافيون يصفون - وبتفصيل أكثر - الأماكن المختلفة على سطح الأرض، ويسعون إلى تفسير الأماكن بالأحداث، والناس، والأماكن الأخرى؛ فالطريقة المنهجية الجغرافية منظمة وتراكمية، وتحاول أن تجمع - بشكل منظم - حجمًا أكبر من المعرفة[1].
كما أصبحت الجغرافيا تشترك في معرفتها وميادينها مع جميع العلوم: سمتها الأساسية، والطبيعة، والإنسان، ومنهجها، والتحصيل، والتفسير المكاني.
كما أصبحت الجغرافيا علمًا يدرس في غالبية جامعات العالم، وليس هناك دولة تخلو من الجغرافيين، الذين ينشطون لخدمة بلدهم، سواء في التدريس، أم بالبحث، أم بالاثنين معًا؛ لذا فالجغرافيا معرَّضة للتطور من قِبَل أي جغرافي مبدع في بقعة من بقاع العالم المترامي الأطراف[2].
ولأهمية التكامل بين الجغرافيا وباقي العلوم الإنسانية؛ يتناول هذا المحور موضوع التكامل من حيث تحديد مفهومه، وطرائق التدريس به، وتدريس الجغرافية البيئية كنموذج للتكامل.
1- التعريف الاشتقاقي واللغوي لمفهوم التكامل:
التكامل يترجم بالإنجليزية إلى "Integration"، وهي كلمة مشتقة من أصلين، هما: (in=not, tanger=to touch)، ومنها "integer"؛ أي: العدد الصحيح الذي لا يمس، أما الفعل تكامل (integrate)؛ فيعني: تجميع الأجزاء لتكون كلاًّ واحدًا، أو شكلاً كليًّا واحدًا، وهو المعنى نفسه بالفرنسية (intégration / latin integrate)، الذي يعني: الفعل الذي يتم بواسطته إدخال "إدماج" جزء في الكل[3].
ويقصد بالتكامل تقديم المعرفة في نمط وظيفي على صورة مفاهيم متدرجة ومترابطة، تغطي الموضوعات المختلفة، دون أن تكون هناك تجزئة أو تقسيم للمعرفة إلى ميادين منفصلة، أو إلى الأساليب والمداخل التي تعرض فيها المفاهيم وأساسيات العلوم؛ بهدف إظهار وحدة التفكير، وتجنب التمييز، والفصل غير المنطقي بين مجالات العلوم المختلفة[4].
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على الترابط والاندماج، والربط بين عناصر وأجزاء منفصلة في كلٍّ متكامل، في نسقية ومنظومة متكاملة ومنسجمة.
2- تعريف التكامل في المنهاج الدراسي:
إن التكامل هو المدخل الطبيعي للمعرفة العلمية عندما تكون في "نمط وظيفي" على صورة مفاهيم متدرجة ومترابطة، تعطي كافة الموضوعات المختلفة بدون أن يكون هناك تجزئة أو تقسيم للمعرفة إلى ميادين منفصلة، كل ذلك على أساس اتصال المعرفة بحياة الإنسان.
فعند "برنج" Pring التكامل في المعرفة معناه وحدة الأجزاء وترابطها بطريقةٍ ما، تمكِّن المتعلمَ من تعلمها، فالتكامل بين الفيزياء، والكيمياء، والأحياء، وعلوم الأرض - يجعل للمناهج أهدافًا شاملة ومختلفة عن تلك الأهداف التي ترتبط بكل مادة علمية منفصلة، وكذلك تختلف أهداف طريقة التدريس في هذه الحالات.
أما "بلوم" Bloom فيعطي تفسيرًا لكلمة التكامل بأن لها أبعادًا وخصائص؛ مثل: المجال، والشدة، والعمق للمعرفة العلمية.
وكذلك "هيرست" Hirst يؤكِّد أن أنواع المعرفة يعتمد بعضها على البعض، ويأخذ بعضها من بعض، فمثلاً عندما تستخدم العلوم مفاهيمَ الرياضيات، فإن هذا لا يعني أنه لا فرق بين العلوم والرياضيات كمواد لها كيانها وخصائصها المميزة، ولكن عند التكامل بين الاثنين - العلوم والرياضيات - فإنه يقال: إن العلوم استخدمت الرياضيات؛ لتحقيق أغراض تدريس العلوم أو العكس[5].
وفي هذا السياق يؤكد الإصلاح التربوي الجديد في المغرب، بناء على ما جاء في الوثيقة الإطار حول الاختيارات والتوجهات التربوية، على مبدأ التكامل والتوازن بين المعرفة والمعرفة الوظيفية[6]، كما يهدف كذلك إلى:
• اعتماد الكفايات، كمدخل لبناء المناهج عوضًا عن المضامين.
• اعتماد مبدأ الاستمرارية والتدرج في الكفايات.
• تنمية مشاركة المتعلم الإيجابية في الشأن المحلي والوطني.
• تجاوز التراكم الكمي للمعلومات، واستحضار البعد المنهجي.
3- دواعي التكامل في تدريس الجغرافيا في المرحلة الثانوية التأهيلية:
تعد الجغرافيا وثيقة الصلة في تدريسها بطائفة من المواد الأخرى، وهذه ظاهرة طبيعية؛ لأن التلميذ لا يمكن أن يستوعب الجغرافيا إلا إذا أحسن استيعاب غيرها من المواد ذات الصلة القريبة، وهذا يفسر ضرورة توفر كفاءة الربط بين الجغرافيا وغيرها من المواد الأخرى لدى المدرس، وذلك ضمن إطار تكامل المعرفة[7].
كما أن التكامل لا يتأتى ما لم تؤكد فكرة وحدة المعرفة في كل المجالات، ومنها مجال العلوم، وبخاصة في المراحل الأولى من التعليم؛ حيث تفرض الأبعاد التكوينية للمتعلم النظرة الشمولية للموجودات من حوله، فالتركيز على المواد المنفصلة بالنسبة للمتعلم في المراحل التعليمية الأولى يؤدي حتمًا إلى التركيز على الحقائق والمعلومات العلمية دون سواها، وفي وجود المواد الكثيرة المختلفة تكون فوق احتمالين من فهم الظواهر، وتحديد المشكلات، ومعرفة عَلاقتها بحياته.
ولقد أدرك رجال التربية أن تقديم المنهج في صورة جزئيات متناثرة تختلف أهدافُها من مرحلة إلى مرحلة، ومن مادة دراسية إلى أخرى، بل من موضوع إلى موضوع - ربما يكون من الأسباب التي تؤدي إلى القلق والصراع لدى المتعلم، وقد تعوق تكاملَ الشخصية لديه، وتسبب تأخُّره الدراسي؛ نظرًا لتجزئة الخبرات التربوية المقدمة له، ولكن عندما تكون الخبرات التربوية في صورة وظيفية متدرجة المفاهيم، ومترابطة الأفكار، وتتعلق بحياة المتعلم، وتهدف إلى إشباع ميوله واتجاهاته، وتكوين المهارات لديه؛ فعند ذلك يمكن القول: إن وحدة المعرفة العلمية أصبحت في وضع يمكِّن المتعلم من إدراك دور العلوم في مختلف مناشط الحياة.[8]
على هذا الأساس يمكن القول: إن هناك أبعادًا رئيسية تؤكد النظرة الكلية في المعرفة العلمية:
أ- النظرة إلى الحياة والكون على أنها وحدة متكاملة، توحد بين مكوناتها علاقات وقوانين ضابطة.
ب- النظرة إلى طبيعة المادة العلمية على أنها وحدة متكاملة متداخلة، توجد بينها روابط وعلاقات قائمة.
ت- النظرة إلى المتعلم - أو الإنسان - كوحدة واحدة فكرًا ونفسًا، وأنه يؤثر في كل ما يحيط به من مكونات حية وغير حية.
لنَقُلْ بدايةً: إن هذا الأنموذج المقترح من طرف [9] Benoit Robert يقدِّم ديداكتيك الجغرافيا على أنها جزء من البيداغوجيا، التي موضوعها نشر المعرفة (الجغرافية) وتعليمها ومجالها، يجد أسسها في الجانب المنهجي، كما أن نظرية التواصل وعلم النفس وعلم الاجتماع تشكل رافدًا للبيداغوجيا والديداكتيك.
بعض أهداف تدريس الجغرافيا تتعلق بفلسفة اجتماعية، ترتكز عليها أيضًا نظرية القيم البيداغوجية (axiologie).
كل هذه المنظومة تتغير وتتمفصل بطرق مختلفة حسب ممارسات التعليم الجغرافية المطروحة.
أنموذج دمج وتكامل ديداكتيك الجغرافي
ونوجز الجوانب الهامة لدواعي الأخذ بالتدريس التكاملي في حقل تدريس الجغرافيا:
• في الوقت الراهن يمكن التماس "مطلب التكامل" كحاجة ملحة وآنية عند المشتغلين بالحقل التربوي - الجغرافي، بالدعوة إلى نظرة كلية للمجتمع الإنساني بدل وجهات النظرة الجزئية، خاصة في هذا الوقت الذي باتت فيه الجغرافيا مادة منفتحة على قضايا جديدة: (الجغرافية الطبية، الجغرافية الثقافية، الجغرافية الاجتماعية...).
• يكتسب المتعلم المفاهيم "بصورة وظيفية"، ويدرك أهمية ذلك في حياته وحياة مجتمعه.
• نظرًا لارتباط الجغرافيا بالكثير من المشكلات الحياتية: (مشكلات البيئة بأنواعها الطبيعية، والبشرية، والاجتماعية، والثقافية...)، فإن حلول هذه المشكلات تستدعي من المتعلم استحضارَ المعارف والمهارات والمواقف التي تلقَّاها من مختلف المواد الدراسية.
• التعليم التكاملي ينمي الوظيفية والتطبيقية في حقل تدريس الجغرافيا من خلال: التعلم بالعمل، والبحث، والاستنباط، والمقدرة على الربط بين النظرية والتطبيق.
• يعتمد التقويم الشامل والمستمر؛ من خلال متابعتهم طوال مشوارهم الدراسي، وليس التقويم "الإجمالي - الإشهادي"؛ الذي يركز على تقويم المتعلم في المعارف والمهارات التي تلقاها طيلة السنة، دون الارتقاء به إلى مستوى تنمية التفكير النقدي والإبداعي في المتعلم.
4- طرائق تدريس الجغرافيا بالتعليم التكاملي:
في الحقيقة لا يمكن الحديث عن وصفة جاهزة، بل المحور مفتوح على اجتهادات المدرسين، بل حتى المتعلمين.
في هذا السياق توصل أحد الباحثين[10] إلى أن هناك ثلاثة مداخل للتعليم التكاملي:
• مدخل حل المشكلات: فالمتعلم في أسلوب حل المشكلات يهدف إلى تحديد المشكلة، وجمع البيانات والمعلومات عنها، وجدولتها؛ بهدف التوصل إلى النتائج التي تساعد على وضع الحلول المناسبة للمشكلة.
• مدخل المفاهيم: يركز المتعلم على تعلم الحقائق والمعلومات، وإدراك أوجه العلاقات بينها.
• مدخل البيئة: ذلك أن تعلم الخبرات يكون من خلال التفاعل بين المتعلم وما يحيط به في بيئته.
5- إشكالية البيئة كمدخل لتطبيق التدريس بالتكامل:
لقد أكَّد مؤتمر "فارنا" verna Congress حول التعليم التكاملي على حاجات المتعلمين وتنمية مهاراتهم ومعارفهم للتكيف مع المجتمع الذي يعيشون فيه[11].
وما دام التدريس بالتكامل يتميز بالدمج للمعارف والمهارات والمواقف لمادة دراسية أو مواد دراسية مختلفة (الجغرافيا وعلوم الحياة والأرض والتربية الاسلامية مثلًا في التعامل مع القضايا البيئية)، ويرتبط بحياة المتعلمين وبمشكل حياتهم اليومية، وبالوظيفية والعملية - فإن المدخل البيئي يظل من القضايا التي تأخذ حيزًا مهمًّا من مجال التكامل، من خلال ربط ما يدرسه المتعلم في البيئة التي يعيش فيها، وإمكانية تطبيق القضايا النظرية في الحياة العملية، بل يبرز الدور الوظيفي للمتعلم في بيئته من خلال ممارساته ونشاطاته.
ففي جانب التدريس من البيئة، يركز على التفاعل مع مكونات البيئة والتعلم من البيئة خلال الزيارات والرحلات التي يقوم بها المتعلمون، وفيها يحدث البحث والتقصي، والوصول إلى النتائج العلمية، وهناك يحدث التكامل بين فروع العلوم في إطار الدراسة من البيئة؛ فالمتعلم يعرف أنواع النباتات، والحيوانات، والصخور، والماء، والهواء، عندما يقوم بالرحلات والزيارات الميدانية، ويدرس العلاقات بينها، والمشاكل الناجمة عنها، وهو في ذلك يستنتج المعارف ويتعلمها بالمشاهدة والمناقشة والتفسير.
وهنا يركز على التعرف على المشكلات البيئية، واستخدام أسلوب الابتكار والنقد الذاتي واتخاذ القرار؛ من أجل الوصول إلى المقترحات السليمة لعلاج المشاكل البيئية[12].
إلا أن المؤكد - حسب أحد الباحثين في مجال البيئة والتربية - أن أحسن طريقة للتدريس في ميدان التربية البيئية هي تلك التي تنطلق من البيئة ذاتها، مع التركيز على نهج حل المشكلات واللجوء إلى تدريس الظاهرة البيئية، بتوظيف التفاعل بين عدة تخصصات؛ أي تبني: مقاربة تدريسية تقوم على أساس التكامل بين عدة مواد تعليمية، كما أن اللجوء إلى الدراسات الميدانية، والتجريب العلمي، والمناقشات المفتوحة، ودراسة الحالة، والمحاكاة، والقيام بأنشطة بيئية ملموسة، وتوظيف الوسائل السمعية البصرية، وتقنيات التنشيط المختلفة - كل ذلك يساهم بفعالية في بلوغ أهداف التربية البيئية[13].
وخلاصة القول: أن التكامل منهج علمي يتوخى منه الانتقال بالتدريس الميكانيكي التلقيني المجزأ، ومعه إلى تدريس يعتمد الاندماج، من خلال الحرص على تنويع طرق التدريس؛ إذ إن هذا النموذج التعلمي ينفتح على محيط المتعلم ويجعله قريبًا من همومه وآماله، بل يعيش فيه ويتعايش؛ مما يجعل المتعلم يخرج من دائرة التعلم السلبي إلى التعلم الذاتي: "التعلم الفعال - التعلم العملي".
[1] ضرار أحمد محمود عبابنة: "المعايير الحديثة المعاصرة لعلم الجغرافيا"؛ عالم الكتب الحديث إربد، الأردن، ط1، 2002،ص 24 - 25.
[2] ضرار أحمد محمود عبابنة، نفس المرجع، ص28.
[3] نعمان عباسي: "التكاملية - التعددية" في المقاربات السوسيولوجية كإستراتيجية معرفية؛ مجلة عالم الفكر، العدد 1، المجلد 41، يوليوز - سبتمبر، 2012، ص127.
[4] لبيب رشدي، ومينا فايز مراد: قضايا في مناهج التعليم؛ القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1993، ص 176.
[5] يعقوب أحمد الشراح: التربية البيئية؛ مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، إدارة التأليف والترجمة، مراجعة فتحي عبدالمقصود ديب، وعبدالحفيظ حلمي محمد، الطبعة الأولى 1986، ص 109، 110.
[6] وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادتي التاريخ والجغرافيا بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، 2007، ص4.
[7] فاروق حمدي الفرا، تطوير كفاءات تدريس الجغرافيا باستخدام الوحدات النسقية، سلسلة الرسائل الجامعية، ط1، 1989، الكويت، ص87.
[8] يعقوب أحمد الشراح، نفس المرجع، ص 110
[9] Benoit Robert, Pour nouvelle conception de la didactique de la géographie, cahiers de la géographie du québec, Vol.14, n°31,1970, P95-96
[10] - رؤوف عبدالرزاق العاني، تكامل العلوم في المرحلة المتوسطة، الإسكندرية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1975، ص 73 - 74.
[11] New Trends In Integrated Science Teaching Vol.1(paris: UNESCO,1971) P14
[12] يعقوب أحمد الشراح، نفس المرجع، ص 116-117، بتصرف يسير.
[13] فتوحي محمد، القضايا البيئية الكبرى دوليًّا ووطنيًّا، ودور التربية البيئية في مواجهتها، أشغال المائدة المستديرة الثانية في مجال التربية السكانية تحت عنوان: السكان والبيئة بالمغرب"، مطبعة المعارف الجديدة، 1997، ص46.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/60244/#ixzz6JsUmN3OC
تعليقات
إرسال تعليق
add_commentإرسال تعليق